"اليدومي" و"الارياني" أكاذيب وابتزاز تكشف حقائق الدرس الأفغاني
وكالة المخا الإخبارية
"تم بناء الجيش الأفغاني على مدى 20 عامًا.. كيف انهار بهذه السرعة؟"، بهذا التساؤل عنونت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرها المطول لمحاولة فهم الانهيار السريع للجيش الأفغاني أمام مقاتلي حركة طالبان المتطرفة منذ إعلان أمريكا سحب قواتها من البلد في مايو الماضي.
تقرير الصحيفة وعنوانها، عكس حجم الصدمة لدى الغرب من مشاهد الانهيار المتسارع للجيش الأفغاني خلال الأيام الماضية أمام مقاتلي حركة طالبان الذين باتوا اليوم على مشارف العاصمة الأفغانية كابول واقتربوا من تطويقها من الجهات الأربع.
ففي أقل من شهر سيطر مقاتلو طالبان على أكثر من نصف عواصم الولايات في البلاد وعلى أهم المدن كهلمند وقندهار وآخرها مزار شريف آخر مدينة رئيسية في شمال أفغانستان كانت لا تزال تحت سيطرة الحكومة.
وما جعل من المشهد صادماً أن هذه السيطرة تمت دون معارك تذكر، بعد استسلام الجيش الأفغاني أمام مقاتلي طالبان في 15 ولاية أفغانية، رغم الفارق الكبير في العدد والتسليح لصالح الجيش الأفغاني، ومع حلول مساء الأحد باتت طالبان تسيطر على 21 ولاية من أصل 34 ولاية، وبات نحو 65% من مساحة البلاد تحت سيطرتها، وكل ذلك في أقل من شهرين فقط.
تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقريرها بأن تقدم طالبان السريع أسفرت عنه عمليات استسلام بالجملة للجيش، والاستيلاء على طائرات مروحية، ومعدات عسكرية بملايين الدولارات قدمتها الولايات المتحدة، سقطت جميعها في قبضة حركة طالبان.
مشاهد الانهيار، كما تصفها الصحيفة، جاءت على الرغم من ضخِّ الولايات المتحدة أكثر من 83 مليار دولار في صورة أسلحة ومعدات وتدريبات لقوات الأمن والجيش في البلاد على مدار العقدين الماضيين، في حين تصل الموازنة السنوية للجيش نحو 4 مليارات دولار.
تحاول الصحيفة البحث عن أسباب لهذا الانهيار، حيث تنقل عن مسؤولين أمريكيين بأن عدد قوات الأمن والجيش الأفغانية كان يبلغ على الورق حوالي 300 ألف شخص، لكن الأحداث كشفت أن الموجود على الأرض هو سُدس هذا العدد فقط.
وقالت، إن المسؤولين كانوا يغضون الطرف عما يحدث، على الرغم من إدراكهم أن العدد الحقيقي للقوات الأفغانية أقل بكثير من العدد المدرج في السجلات الرسمية، الذي تم التلاعب به بسبب الفساد والسرية اللذين قبلوهما بهدوء.
تسرد الصحيفة أسباباً أخرى لتفسير هذا الانهيار ملخصها يكشف عن سوء إدارة للمعركة من قبل القيادة العسكرية للجيش أو السياسية للرئيس أشرف غني الذي يدير البلاد منذ سبع سنوات.
تقول الصحيفة، إن سقوط الجيش الأفغاني بدأ في بؤر منعزلة بالمناطق الريفية، حيث أحاطت عناصر طالبان بوحدات الشرطة والجنود الجائعين الذين نفدت ذخيرتهم، ووعدوهم بالمرور الآمن إذا استسلموا وتركوا معداتهم، مما منح عناصر الحركة تدريجياً المزيد من السيطرة على الطرق، ثم السيطرة على مناطق بأكملها.
ومع انهيار المواقع في قبضة طالبان، كانت الشكوى هي نفسها تقريباً من جانب قوات الجيش الأفغاني "لم يكن هناك دعمٌ جوي أو نفدت الإمدادات والغذاء"، ليتزايد الاعتقاد في صفوف عناصر الجيش والأمن بأن حكومة الرئيس أشرف غني "لا تستحق الموت من أجلها".
بل وصل عبث حكومة أشرف غني إلى التخلي عن المليشيات القبلية الموالية للحكومة والتي برزت كقوة قادرة على تعزيز الجيش أمام زحف طالبان، بالإضافة إلى شعور بالخذلان في صفوف معارضي الحركة بعد أن ذهبت أمريكا للتفاوض مع طالبان من أجل الانسحاب.
ما تسرده الصحيفة الأمريكية يكاد يتطابق مع المشهد في اليمن بفشل حسم المعركة ضد جماعة الحوثي للعام السادس من الحرب بسبب العبث والفساد من قبل الشرعية في قيادة المعركة، رغم الدعم المهول الذي قدمه التحالف عسكرياً لها، دفع بالسعودية مؤخراً إلى البحث عن حلول سياسية لوقف الحرب، وقبل ذلك تسبب السيطرة الإخوانية على قرار الشرعية بخلق العداء مع الشريك الأهم بالتحالف وهي دولة الإمارات، ما دفعها إلى الانسحاب من المعركة قبل عامين.
هذا التطابق دفع رموز الشرعية إلى محاولة التغطية عن حقائق المشهد الأفغاني وأسباب الانهيار أمام حركة متطرفة رغم الدعم الدولي، إلى تقديم تصور آخر للمشهد يخدمها ويغطي على فشلها.
فحسب وزير الإعلام بالحكومة معمر الارياني فإن ما يحدث في أفغانستان من تساقط للمدن والأقاليم بيد حركة طالبان هو "نتيجة طبيعية لحالة الانقسام والخلافات بين القوى السياسية والاجتماعية الأفغانية، وعدم رص الصفوف وتوحيد الجهود تحت إطار القيادة الرسمية، وتفويت الإجماع الدولي في دعم الحكومة والشعب الأفغاني لحسم المعركة منذ العام 2001م".
وبلغة الإخوان فإن ما يقوله الوزير ان تجميد جبهات الشرعية بوجه الحوثي لسنوات في الشمال وتسليمها لاحقاً له كما حصل في نهم والجوف ومؤخراً بالبيضاء، ليس لفسادنا بل بسبب معارضة هذا الفساد، وعدم انصياع المجلس الانتقالي وقوات الساحل الغربي لنا ولعبثنا.
وقبل الارياني، كان زعيم جماعة الإخوان في اليمن محمد اليدومي قد سارع في منتصف يوليو الماضي إلى تقديم صورة للمشهد في أفغانستان بما يوافق مع رؤية جماعته، وإن لهدف آخر وهو ابتزاز التحالف وتحديداً السعودية برسائل ضمنية، واستباق تحميلها مسئولية تكرار المشهد الأفغاني، بمقارنته بزحف مليشيات الحوثي نحو العاصمة صنعاء عام 2014م.
حاول اليدومي من خلال مقارنته هذه النيل من السعودية ودول التحالف وخصومه السياسيين في الداخل، وتكرار الأسطوانة القديمة بأنهم من صنعوا الحوثي وأوصلوه إلى صنعاء للقضاء على الإصلاح، وأن "السحر انقلب على الساحر" لاحقاً، بحسب الرواية الإخوانية.
ويرى اليدومي بأن فشل أمريكا في هزيمة طالبان يشبه فشل التحالف في القضاء على جماعة الحوثي بعد سبع سنوات، كما تضمن منشوره رسالة ابتزاز واضحة بأن تخلي السعودية عن الجماعة أو انسحابها من اليمن يعني تسليم البلاد للحوثي كما يحصل في أفغانستان.