مأرب على المحك.. الإقصاء وتعامل الإخوان مع الحرب كـ"غنيمة" وراء انتكاسة الجبهات


مأرب على المحك.. الإقصاء وتعامل الإخوان مع الحرب كـ

وكالة المخا الإخبارية

لم يعتبر الإصلاح، ولن يعتبر من الدروس التي من المفترض أن يكون خَبِرها خلال حياته السياسية في اليمن منذ عقود.

 

في الجبهات التي يقودونها يتعاملون مع الحرب كغنيمة وليس كمصير بلد وهذه إحدى الأيديولوجيات الاستراتيجية للإخوان.

 

يدفع إخوان اليمن البلد للهاوية دوماً من حيث اعتقادهم أن كل شيء تمكن لهم هو غنيمة ومصلحة ودعاية انتخابية، ومن المعروف عنهم الإقصاء في الوظيفة العامة، لكن الأمر الكارثي والمذهل أن يتم التعامل مع جبهات الحرب مع الحوثيين كدعاية انتخابية، بحيث لا يتم السماح لمن ليس مضموناً ولاؤه التنظيمي الانخراط في صفوف المقاتلين، وكأن الجبهات هي دفاع عن التنظيم وليست دفاعاً عن الوطن.

 

قبل سنوات سجل الشهيد القيل خالد الدعيس، وهو حفيد البطل الجمهوري الشيخ الدعيس الذي قارع الإمامة، سجل خالد صرخته المؤلمة في وجه قادة الإخوان في جبهات مأرب، وكشف عن الفضيحة من حيث رفضهم قبوله في التجنيد لمواجهة الحوثيين، قال في رسالته "أحمل بندقيتي من حر مالي".

 

دون شك أن كل من يأتي للجبهة لقتال الحوثيين كمتطوع، دفعه ولاؤه لوطنه وحبه لليمن، لكن أيديولوجيا الإخوان تجعلهم يعتقدون أن هذا الفرد إن تم قبوله واستشهد وهو ليس منهم فإنه يسجل دعاية سياسية للجماعة التي ينتمي لها، وإن انتصروا فله جزء من الانتصار، وبالتالي يقلل من استئثارهم بالنصر، فضلاً عن درايته لممارساتهم عن قرب، وهذا هو السر الكبير وراء الشخصانية والانفراد وإقصاء الآخرين وعدم قبولهم للانخراط في جبهات القتال معهم، بل ووراء النكبات التي تتعرض لها الجبهات التي يتواجدون فيها أو يقودونها على نحو أدق.

 

في فبراير 2011 كانت جماعة الإخوان تستطلع الشوارع القريبة من الساحة وتستميت في الحصول على قتلى لتنسبهم إلى الجماعة باعتبار ذلك جزءاً من الانتصار نحو تحقيق غنيمة سياسية للتنظيم، وصل الأمر بها إلى ضم مختلي عقل سقطوا خارج الساحة إثر إطلاق نار، وتنسبهم إليها باسم "الشهيد الحافظ" وشفرة "الحافظ" تعني لديهم أنه من جماعة الإخوان، على أن الحفاظ دوماً لا يكونون إلا من التنظيم، ومن جهة أخرى يتوهمون كأنهم في معركة "بدر" أو "أحد".

 

عقلية الاستئثار، أيضاً، تجعل مناصبهم وكراً للجريمة ضد الآخرين وكذا الفساد دون رقيب، حيث إن كل من يعملون معهم من الجماعة وهم في مهمة جهادية تنظيمية واحدة، لذلك من الصعب أن تخرج المعلومات أو الوثائق عن أي فساد يُذكر، وسيكون من يأتي للعمل معهم وهو ليس منهم مندساً أو عميلاً، وظهر فسادهم بأعداد مهولة من المجندين والميزانية الضخمة، قال وزير الدفاع "إن 75 في المائة من المجندين وهميون"!

 

ولأنهم لا ينظرون لكل ما يقومون به إلا بمقياس المكسب السياسي، جعلهم يتجهون إلى رفاق السلاح من المقاومة التي تواجه الحوثيين لمواجهتهم أو ما يسمى بـ"تحرير المحرر" تاركين الحوثيين وراءهم، وفي تعز يشار بأصابع الاتهام إليهم في اغتيال البطل الجمهوري عدنان الحمادي الذي حرر أكثر من 85 في المائة من المناطق التي كان يسيطر عليها الحوثيون غرب تعز والحجرية، كما طاردوا "أبو العباس" الذي يُحسب له تحرير مناطق كثيرة من شرق مدينة تعز، لا لشيء، ولكن لأن الحمادي وأبو العباس من خارج التنظيم، ولأنهم فقط يديرون كل شيء في حياتهم بعقلية المصالح والغنيمة السياسية فقد لجأوا إلى تحويل القوى البشرية في معسكرات تعز التي يسيطرون عليها في المدينة من مواجهة الحوثيين إلى مواجهة رفاق السلاح، تاركين المليشيا وراء ظهورهم، وهذا هو السر وراء الانتكاسات الكبيرة التي يقع فيها الجيش الوطني.

 

في مأرب لا يتم قبول أي مجند ما لم يحمل تزكية من قيادات التنظيم تؤكد بأن ولاءه لهم، ونظراً لهذا الأمر فقد آثر قيادات "الإخوة في الله" في الشرعية، تعيين قيادات سلالية في الجيش أهم ما يعنيهم فيها هو انتماؤها للتنظيم، وتسبب ذلك بكوارث جمة لم يكن إحداها إعطاء الإحداثيات بقيادة وزارة الدفاع، وتعرض اجتماعات وقيادات لعشرات محاولات الاغتيال كان أشهرها وأرعبها استهداف اجتماع لرئيس هيئة الأركان صغير بن عزبز، وقبله الوزير المقدشي، وتجاوز ذلك إلى تهريب السلاح للحوثيين وبصورة مهولة.

 

عندما يتم توجيه الجيش للدفاع عن الوطن بحكم الولاء والانتماء لليمن وترابه أولاً وأخيراً وليس لـ"الجماعة" و"التنظيم" أو "اردوغان ومشعل" و"الصحابة والعلماء"... سيكون ذلك مبشراً نوعاً ما نحو الانتصار على الأقل، وبشرط أن يتم النظر لليمنيين المواجهين للحوثي كإخوة بعيداً عن الإقصاء والتمييز والتشكيك الخبيث الذي يخضعون له إن كانوا ليس من الجماعة.