غلاء طاحن وغياب حكومي يدفع المواطنين إلى المجاعة.. تعز على حافة الهاوية
غلاء طاحن وغياب حكومي يدفع المواطنين إلى المجاعة.. تعز على حافة الهاوية
وكالة المخا الإخبارية
يعاني المواطنون في مدينة تعز أوضاعًا إنسانية صعبة وغياب مستمر للخدمات الأساسية وارتفاع جنوني في الأسعار، دون أي تحرك فعلي من سلطات المدينة لإنقاذ الوضع الكارثي الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
في جولة ميدانية بعد ظهر اليوم، التقينا بعدد من المواطنين والتجار في أسواق تعز، لنتعرف على حجم المعاناة التي يعيشها السكان.
المواطن أنور الشرعبي، موظف، قال إنه لن يتمكن هذا العام من شراء مستلزمات رمضان كالمعتاد، مضيفًا: "سأكتفي بشراء الدقيق والسكر والزيت والغاز، لأنها ضروريات لا غنى عنها".
وأوضح أن راتبه الشهري لا يكفي حتى لإطعام أسرته المكونة من ستة أفراد لأسبوع واحد، ناهيك عن سداد الديون المتراكمة عليه منذ أكثر من عشر سنوات.
من جهتها، قارنت أم عبدالسلام بين الوضع قبل الحرب والآن، مشيرة إلى أنها كانت تشتري في السابق أدوات المطبخ ومواد صنع الحلويات والعصائر قبل رمضان، لكنها اليوم تعتبر هذه الأشياء من الكماليات بسبب ارتفاع أسعارها.
وأضافت: "دخلي الشهري لا يتجاوز 30 دولارًا بعد أن كان يعادل 300 دولار قبل الحرب، والوضع يزداد صعوبة كل يوم".
أحد تجار الجملة أكد أن حركة البيع والشراء شهدت تراجعًا كبيرًا مقارنة بالأعوام الماضية، مشيرًا إلى أن الإقبال على الشراء قبل رمضان لم يعد يختلف عن باقي الأشهر.
وأضاف: "المواطنون يلجأون الآن إلى شراء حاجاتهم بالقطعة أو بالكيلو من البقالات الصغيرة، بعكس السابق عندما كانوا يشترون بكميات كبيرة".
تاجر جملة آخر أشار إلى أن أسعار السلع ارتفعت بنسبة تصل إلى 200% بسبب تدهور سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار، مضيفًا أن التقلبات السريعة في سعر الصرف تجعل التجار غير قادرين على ضبط الأسعار.
المواطن عادل الصبري وجه انتقادات لاذعة لسلطات المدينة، قائلًا: "ارتفاع الأسعار سببه جشع التجار، لكن السلطات تتخاذل في أداء دورها الرقابي". وأضاف أن المواطنين يعيشون أوضاعًا مأساوية بسبب عدم كفاية الرواتب وارتفاع الأسعار.
عبدالله ناجي، مواطن آخر، تساءل بحسرة: "هل سنموت من الجوع؟ الأسعار ارتفعت بشكل غير طبيعي، والرواتب لا تكفي حتى لتوفير الأساسيات. الحرب مستمرة منذ عشر سنوات، والاقتصاد منهار، ولا أحد يهتم بنا".
عبدالسلام الذبحاني، سائق باص، قال إن أسعار الوقود ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث وصل سعر "الدبة" الواحدة إلى 37 ألف ريال، مما زاد من معاناة المواطنين. وأضاف: "الفواكه واللحوم أصبحت من الكماليات، فسعر كيلو البرتقال وصل إلى 3000 ريال، وكيلو اللحم إلى 12 ألف ريال".
غياب الرقابة وانتشار الجشع
أكد أحمد السبيء أن غياب الرقابة ساهم في انتشار ظاهرة التلاعب بالأسعار، مشيرًا إلى أن بعض التجار يستغلون الظروف لتحقيق أرباح طائلة. وأضاف: "التجار لا يراعون الضمير ولا الأخلاق في تعاملهم مع المواطنين".
سمير مصطفى أشار إلى أن بعض تجار الجملة يقومون بتكديس البضائع ورفع أسعارها بشكل متعمد، دون مراعاة لظروف الناس الصعبة.
خبراء اقتصاديون: الحلول غائبة
يرى خبراء اقتصاديون في تعز أن الحل الوحيد لمواجهة ارتفاع الأسعار يكمن في تخصيص ميزانية لإغراق السوق بالسلع، للحد من المضاربة والاحتكار. وأكدوا أن التطمينات التي تقدمها الجهات الرسمية تبقى حبرًا على ورق، في ظل غياب إجراءات فعلية لضبط السوق.
ناشطون وتربويون: الاحتكار والجشع
رفض ناشطون وتربويون ربط ارتفاع الأسعار فقط بتراجع قيمة الريال، مؤكدين أن بعض السلع ارتفعت بنسبة 400%، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بالاحتكار والجشع.
وأشاروا إلى أن غياب الرقابة وعدم وجود أرقام دقيقة عن المنتجات ساهم في تفاقم الأزمة.
مستقبل قاتم
مع استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الاقتصادية، يبدو مستقبل المواطنين في تعز قاتمًا، خاصة في ظل غياب حلول جذرية من قبل السلطات. ويبقى السؤال: هل ستتحرك الجهات المعنية لإنقاذ المواطنين من براثن الفقر والجوع، أم ستستمر المعاناة دون أفق للحل؟