الرئيس العليمي: رهان خاسر في زمن الإنهيار وواجهة باهتة لنظام ميت


الرئيس العليمي: رهان خاسر في زمن الإنهيار وواجهة باهتة لنظام ميت

الرئيس العليمي: رهان خاسر في زمن الإنهيار وواجهة باهتة لنظام ميت

وكالة المخا الإخبارية

           د. غزوان طربوش

 

في زمنٍ تتكالب فيه الأزمات على اليمن من كل اتجاه، ظهر رشاد العليمي لا كمنقذٍ للدولة كما يُروّج أنصاره، بل كواجهةٍ باهتةٍ لنظامٍ ميتٍ يُراد إحياؤه بالقوة. لم يأتِ الرجل ليواجه العاصفة، بل ليبررها، ولم يظهر كقائدٍ للدولة، بل كمديرٍ لأزمتها تحت وصاية الخارج.

 

منذ أن تولّى رئاسة مجلس القيادة الرئاسي، بدا العليمي عاجزًا عن ممارسة سلطته الفعلية، تائهاً بين الضغوط السعودية والإماراتية، ومتردداً في كل خطوةٍ حاسمة. اختار الصمت في القضايا التي تتطلب موقفًا وطنيًا جريئًا، واكتفى بإدارة المشهد من وراء المكاتب، فيما كانت المحافظات تنهار واحدةً تلو الأخرى.

 

العليمي ليس رجل الدولة الذي يُرمم مؤسساتها، بل أحد من ساهموا في تفريغها من معناها. تاريخه في أجهزة النظام السابق كفيلٌ بتوضيح أنه جزء من المنظومة التي زرعت بذور الفساد، وها هو اليوم يعيد إنتاجها بأسماءٍ جديدة ووجوهٍ شاحبة.

 

أما حديثه عن “الإصلاحات الاقتصادية”، فهو وهمٌ آخر. فالمواطن لا يرى سوى الجوع والبطالة وانقطاع المرتبات، بينما يستمر النزيف المالي في مؤسساتٍ مخترقةٍ بالمحسوبية والولاء الحزبي. يرفع العليمي شعارات “الإصلاح المالي والإداري”، لكنه في الواقع أسير لشبكات المصالح، يوزّع المناصب كترضية، لا كمسؤولية.

 

وفي ملف الأمن، لم تُبنَ الدولة، بل تفككت أكثر. لم يواجه العليمي المليشيات بقوة الدولة، بل بمساومات السياسة.

 فالحوثي يتمدد في الشمال بلا رادع، وحزب الإصلاح يسيطر على مفاصل القرار في بعض المناطق باسم “الشرعية”، بينما المواطن اليمني هو وحده من يدفع الثمن.

 

الواقع يقول إن العليمي فشل في كبح جماح الإصلاح، الحزب الذي اخترق مؤسسات الدولة ويعمل لصالح أجنداته، لا لصالح الوطن. صمته عن تجاوزاتهم، وتردده في محاسبة قادتهم، جعلاه يبدو متواطئًا أكثر من كونه ضعيفًا.

 أما الحوثي، فقد منحه العليمي الوقت والهدوء ليستعيد أنفاسه، في حين ظلت الجبهات ساكنة، ودماء الشهداء تُنسى في صفقات “التفاهم”.

 

وخارجياً، تحولت اليمن في عهد العليمي إلى ملفٍ تابعٍ يُدار من الخارج. فالرجل لا يمتلك رؤية مستقلة ولا قرارًا سياديًا، بل يتحرك ضمن حدود ما تسمح به العواصم الداعمة. لم يُعد لليمن حضوره الدبلوماسي، بل كرّس صورته كبلدٍ مرتهنٍ بالمساعدات، بلا كرامة سياسية.

 

أما حديثه عن “الدولة الاتحادية الحديثة”، فهو مجرد ديكورٍ سياسيٍ لتغطية العجز. فالمجلس الرئاسي لا يحكم إلا بالبيانات، والمؤسسات غارقة في الفوضى، بينما المواطن فقد ثقته في كل خطابٍ قادم من عدن أو الرياض.

 

لقد كان يُفترض أن يكون العليمي نقطة توازن، لكنه تحوّل إلى نقطة تجميدٍ للقرار الوطني. رجلٌ يُمسك العصا من المنتصف حتى تآكلت هيبة الدولة في عهده.
لا يواجه الحوثي بوضوح، ولا يضع حدًا لتغوّل الإصلاح، بل يدير توازناً هشًا بين الخيبتين.

 

إن أخطر ما في تجربة رشاد العليمي هو تردده المزمن وخضوعه للمصالح. لا يملك الجرأة على مواجهة من يخترقون مؤسسات الدولة، لأنهم جزء من حلف بقائه. أولئك الذين يعملون نهارًا موظفين في الدولة، وليلاً عملاء للحوثي أو أدواتٍ للإصلاح، لم يجدوا في العليمي خصمًا، بل مظلة.

 

وحين يسألك أحد: إلى أين يمضي رشاد العليمي؟

 

فالجواب ببساطة: لا يمضي.

 

لأنه اختار البقاء في دائرة العجز، يحتمي بالرماد بدل أن يشعل شرارة التغيير.

 

فاليمن اليوم بحاجةٍ إلى قائدٍ يؤمن بالدولة لا بالكرسي، بالمواجهة لا بالمجاملة، بالموقف لا بالانتظار.

أما رشاد العليمي، فقد أثبت أنه رهان الخيبة في زمن الانهيار.