أحد قيادات تنظيم القاعدة ومطلوب دوليا.. تعرف على الرجل الأول في سوريا
أحد قيادات تنظيم القاعدة ومطلوب دوليا.. تعرف على الرجل الأول في سوريا
وكالة المخا الإخبارية
أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني كما كان لقبه، شخصية سورية أثار مسارها الجدل ومراجعتها كذلك، لكنها اختارت أن تكون في صدارة المشهد لحظة انبثاق حلم جديد لوطنٍ مزقته الحرب لسنوات طويلة كان قائد هيئة تحرير الشام طرفاً فيها في صفوف المعارضة قبل أن يقود معركة اعتبرت بداية فصل جديد من تاريخ سوريا، حيث اجتمعت خلالها الفصائل تحت راية واحدة لإسقاط نظام الأسد.
المولد والنشأة
ولد أحمد حسين الشرع سنة 1982 في العاصمة السعودية الرياض لأسرة يعود أصلها إلى الجولان السوري المحتل، وفي سن السابعة عاد مع عائلته إلى سوريا واستقر في دمشق ضمن طبقة متوسطة ذات توجهات ليبرالية، وهناك درس الطب لمدة عامين، قبل أن ينتقل إلى العراق التي كان قد لجأ إليها والده بعدما شارك في احتجاجات ضد حكم البعث في سوريا.
القتال والاعتقال بالعراق
وصل الجولاني إلى العراق قبل بداية الغزو الأميركي عام 2003 بنحو أسبوعين، وذلك تلبية لنداء ضرورة مقاومة هذا الغزو، بالتزامن مع تسهيل الحكومة السورية الطريق للمقاتلين للوصول، ثم سكن الموصل فترة، وعمل مقاتلاً مع تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي، والذي ترقى داخله حتى أصبح مقرباً من الزرقاوي.
وبعد عودته من سفر إلى لبنان اعتقلته القوات الأمريكية، لتودعه سجن أبو غريب، ومن هناك نقلته إلى سجن بوكا، ومن ثم سجن كروبر في مطار بغداد، قبل أن تسلّمه لاحقا إلى الحكومة العراقية، التي وضعته في سجن التاجي، ومن هناك أطلق سراحه عام 2008.
بعد إطلاق سراحه، استأنفَ الجولاني عمله العسكري حيثُ عملَ هذه المرة إلى جانب أبو بكر البغدادي رئيس تنظيم دولة العراق الإسلامية آنذاك، وبرزَ بشكلٍ سريع في المعارك ما أسهم في تعيينه رئيساً لعمليات “دولة العراق الإسلامية” في محافظة نينوى.
الثورة السورية
بعد اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد عاد إلى سوريا لتأسيس فرع للقاعدة فيها، قبل أن يعلن تأسيس جبهة النصرة لأهل الشام عام 2012، وعندما أعلن البغدادي قطع علاقاته بالقاعدة واندماجه مع “جبهة النصرة” لتأسيس “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”، رفض الجولاني ذلك وأعلن الولاء لتنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري، وسرعان ما دخل الطرفان في معارك على الأراضي السورية، انتزع فيها تنظيم الدولة مناطق كثيرة من الجبهة.
رغم ذلك، حققت “جبهة النصرة” مكاسب ميدانية وبرزت كواحدة من أقوى الفصائل المسلحة في سوريا، وتميزت بعملياتها النوعية ضد قوات النظام، وفي الوقت نفسه دخل في معارك نفوذ مع بعض الفصائل الثورية مثل “جبهة ثوار سوريا” و “حركة حزم”، ما سبب حالة ضعف في صفوف الفصائل المقاتلة للنظام، قبل سقوط حلب عام 2016.
وفي يوليوز 2016، أعلن الجولاني فك ارتباط تنظيمه بالقاعدة، وتغيير اسمه إلى “جبهة فتح الشام”، وبعد ذلك أعلن حل الجبهة في يناير 2017، من أجل الاندماج في منظمة إسلامية سورية أكبر وهي هيئة تحرير الشام، التي أعطت الأولوية لمحاربة القاعدة وداعش في محاولة لتحسين مكانتها مع الدول الغربية.
نجحت هيئة تحرير الشام في هزيمة داعش والقاعدة ومعظم القوى المعارضة في أراضيها، وفرضت سيطرتها على معظم محافظة إدلب، التي تديرها من خلال حكومة الإنقاذ السورية، التي أقيمت في 2017 على الأراضي السورية المحررة.
واستطاعت حكومة الإنقاذ إدارة الأمور المدنية والخدمية للمنطقة التي يسيطر عليها الجولاني، وشاركت في تنظيم الشؤون العسكرية وعمل منظمات المجتمع المدني، بالتزامن مع استبدال الجولاني الزي العسكري بالزي المدني ومحاولته تبني خطاب وصف بـ “أكثر براغماتية” مبدياً رغبته بإزالة الهيئة من قوائم الإرهاب.
إسقاط الأسد
في 27 نونبر 2024 أطلقت فصائل المعارضة التي على رأسها هيئة تحرير الشام معركة “ردع العدوان”، واستطاعت فيها السيطرة خلال ظرف وجيز على مدينتي حلب وحماة وأجزاء من الشمال السوري، ليخرج الجولاني حينها بخطاب سياسي منفتح لتنظيم المقاتلين وطمأنة المدنيين معلناً نيته حل الهيئة.
وتواصلت المعركة تحت مسمى غرفة عمليات “الفتح المبين”، التي شكلت من أجلها إدارة عمليات عسكرية، ضمت كلا من هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام، والجبهة الوطنية للتحرير، ومجموعات من الحزب التركستاني.
وعيّن الجولاني قائداً عاماً لإدارة العمليات العسكرية، وتطورت العمليات بعد السيطرة على حلب وحماة ومدن استراتيجية مثل تل رفعت شمالي حلب، قبل التحام جميع جبهات المعارضة شمالاً وجنوباً في عمليات أسفرت عن السيطرة على درعا والسويداء ثم القنيطرة.
وصلت فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق وتمكن من الإطاحة بنظام الأسد، صباح اليوم الأحد 8 شتنبر 2024، بعد عقود من الظلم والاستبداد بالسلطة، في ظرف أسبوع واحد واصل خلاله الجولاني طمأنة الشعب السوري وأقلياته الدينية والطائفية والعرقية، ودعوة المقاتلين إلى “التحلي بأخلاق النصر والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وكذا القيم الإنسانية”.
الجولاني و “سي إن إن”
عرف الجولاني بقلة الظهور على مر السنوات التي قاد فيها التنظيم العسكري في سوريا، غير أن ظهوره على قلته، كان محط تحليل، لرصد التحولات التي واكبت خطابه ومظهره على مر السنوات الأخيرة.
واختار الجولاني الخروج قبل أقل من أسبوع من إسقاط نظام الأسد في حوار مع شبكة CNN الأمريكية، ليتحدث عن مواقف تنظيمه وأهدافه مع المعارك التي قادها نحو دمشق، مؤكدا على أن الهدف من معاركه هو إسقاط الأسد وإقامة دولة ديمقراطية قائمة على المؤسسات و”مجلس يختاره الشعب”.
وقال الجولاني: “عندما نتحدث عن الأهداف، يبقى هدف الثورة هو إسقاط هذا النظام.. من حقنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف.. لقد كانت بذور هزيمة النظام موجودة دائماً في داخله… حاول الإيرانيون إحياء النظام، وشراء الوقت له، وبعد ذلك حاول الروس أيضاً دعمه، لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام مات”.