مليشيا الإخوان… مشروع فوضى لا ينتهي
مليشيا الإخوان… مشروع فوضى لا ينتهي
وكالة المخا الإخبارية
حسن العامري
منذ أن تمدّد حزب الإصلاح في المشهد اليمني تحت ستار “الشرعية” والعمل السياسي، لم يتأخر كثيرًا في كشف وجهه الحقيقي: مليشيا منظّمة، لا حزب دولة.
فالإخوان في اليمن لم يبنوا مؤسسات، ولم يقدموا نموذج حكم، ولم يتركوا في أي منطقة سيطروا عليها إلا الفوضى والتمكين الحزبي والابتزاز السياسي. كانوا دائمًا يبحثون عن “الغطاء”، ثم يصنعون منه أداة للاستحواذ على كل شيء.
مشروع مليشاوي بملابس سياسية
حزب الإصلاح يدرك أنه لا يستطيع التمدد عبر الانتخابات، ولا عبر الشرعية الشعبية، لذلك صنع لنفسه أذرعًا عسكرية خارج نطاق الدولة، تتنقّل تحت أسماء مختلفة: محاور، ألوية، معسكرات، كتائب أمنية… لكنها في الجوهر ذراع واحدة تخدم مشروعًا واحدًا:
السيطرة على الأرض مقابل إضعاف المؤسسات الرسمية.
فأينما وُجد الإصلاح، تلاشت الشرطة، وتفككت النيابات، وتراجعت سلطة القضاء، وبرزت سلطة “المشرف” أو “الأمير” أو “القائد”، تمامًا كما تفعل أي مليشيا مغلقة على نفسها.
سقوط الجبهات… حين ينهار المشروع أمام أول اختبار
لم ينسَ اليمنيون كيف سقطت نِهم، وكيف انهارت الجوف، وكيف فقدت مأرب اثنتي عشرة مديرية خلال أيام قليلة فقط.
لم يُحاسَب أحد، لم يُسأل علي محسن، لم يُسأل المقدشي، لم تظهر لجنة تحقيق واحدة… لأن السقوط لم يكن عسكريًا فقط، بل كان سقوط مشروع بالكامل.
والأدهى من ذلك أن قواعد الإخوان ما زالت حتى اليوم تمجّد أولئك القادة الذين أضاعوا المحافظات، وكأن الخسارة جزء من التضحية، وكأن الفشل بطولة وطنية، المهم أن يبقى الحزب.
في الحروب الأهلية… الإخوان يختارون الفوضى لا الدولة
حزب الإصلاح لا يقاتل لأجل الدولة، بل يقاتل لأجل أن يكون هو الدولة.
وعندما يفشل بالسياسة، يفتح بوابة العنف.
وعندما يشعر بالتهديد، يرفع شعارات الدين.
وعندما يُهزم، يلجأ لدور الضحية… نفس السيناريو الذي يتكرر كل عام.
إنه حزب لا يربح إلا إذا خسر اليمنيون، ولا يقوى إلا عندما تنهار مؤسسات الدولة.
كل حضورهم مبني على الفوضى، وكل نفوذهم قائم على ضعف السلطة.
أداة ابتزاز للتحالف… ومساومة على الجغرافيا
الإخوان أتقنوا لعبة “المعابر السياسية”:
يتظاهرون بالولاء للتحالف، بينما يبتزون به.
يظهرون كجزء من الشرعية، بينما يطعنونها في الميدان.
يرفعون شعار مواجهة الحوثي، بينما يهربون من الجبهات عند أول طلق.
وحين يشعرون بأن نفوذهم يتآكل، يشعلون الجبهات في مكان ويخمدونها في مكان آخر، فقط كي يثبتوا أن أي استقرار لا يمكن أن يمر دون موافقتهم.
في الجنوب… مشروع احتلال لا تحالف
عندما دخلت قوات الإصلاح إلى بعض مناطق الجنوب حاولت فرض أمر واقع يشبه “الاحتلال الحزبي”:
تحويل المؤسسات إلى أدوات حزبية،
زرع خلايا متطرفة،
تعطيل الأجهزة الأمنية،
ملاحقة خصومهم،
وإعادة تدوير نفس مشاريع الفوضى التي مارسها الحزب في تعز ومأرب.
لكن الجنوب كان أكثر وعيًا، وأكثر جاهزية، وأكثر صلابة.
فتهاوى وجودهم في حضرموت كما تهاوت قبلها أدواتهم في عدن ولحج وشبوة.
خطاب ديني… يبرر كل شيء
الإخوان يجيدون صناعة الوهم:
اليوم يرفعون شعار الشرعية،
وغدًا يرفعون شعار المقاومة،
وبعد غد يتحدثون باسم المظلومية الوطنية،
وفي النهاية: الهدف واحد—البقاء في السلطة بأي ثمن.
إنهم يوظفون النصوص الدينية في معارك حزبية رخيصة، ويستخدمون الدين كغطاء لممارسات لا تمت للإصلاح أو للأخلاق بأي صلة.
لماذا يفشل الإخوان دائمًا؟
لأن مشروعهم لا يقوم على الوطن، بل على الحزب.
لأنهم لا يعترفون بالشراكة، بل بالاستحواذ.
لأنهم لا يقاتلون لأجل الأرض، بل لأجل الكرسي.
ولأنهم لا يرون الشعب، بل يرون “تنظيمًا” يجب أن يعيش… ولو على حساب اليمن كله.
الخلاصة…
حزب الإصلاح ليس حزبًا سياسيًا يخطئ ويصيب، بل مليشيا مؤدلجة تحاول ارتداء ثياب الدولة.
والتجارب التي مرّت بها البلاد خلال العقد الأخير أثبتت أن كل منطقة يتمدد فيها الإخوان تتحول إلى ساحة اقتتال، وكل مؤسسة يقتربون منها تتفكك.
إن اليمن لن يبدأ مرحلة التعافي إلا بعد تحييد هذه المليشيا عن القرار السياسي والعسكري، وإعادتها إلى حجمها الحقيقي بعيدًا عن النفوذ والابتزاز.
