المجلس الانتقالي الجنوبي يحذر العليمي من نفاد صبر المواطنين 


المجلس الانتقالي الجنوبي يحذر العليمي من نفاد صبر المواطنين 

المجلس الانتقالي الجنوبي يحذر العليمي من نفاد صبر المواطنين 


وكالة المخا الإخبارية


حذّر المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، أنور التميمي، في بيان صارخ اليوم، من أن الصبر قد نفذ جراء ما وصفه بـ"التجاهل المتعمد" للحقوق المشروعة للجنوب، والانتقاص من مكتسبات شراكته السياسية.

وجّه التميمي رسالة واضحة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، مفادها أن استمرار الممارسات التي تستهدف "جوهر الشراكة" لم يعد مقبولاً، معرباً عن رفض شعب الجنوب لأن تتحول هذه الشراكة إلى أداة لـ"حرمانه من أبسط حقوقه".

وسلّط البيان الضوء على جملة من الممارسات التي رأى المجلس أنها تعرقل تحقيق الاستقرار، أبرزها: "تمكين قوى أخرى على حساب الجنوب، وتعطيل صرف مرتبات الكوادر المدنية والعسكرية الجنوبية، وعرقلة قرارات تمكين الكوادر، إلى جانب تعطيل تنفيذ اتفاق الرياض 2019 والالتزامات المتفق عليها في مشاورات الرياض 2022".

وأكد المتحدث باسم المجلس، الذي يُعدّ أحد الأطراف الرئيسية في المشهد السياسي جنوبي اليمن، أن "الشراكة الحقيقية لا تقوم على التجاهل أو الإقصاء، بل على العدالة والالتزام الكامل بالحقوق غير القابلة للتجزئة أو التأخير".

وختم التميمي بيانه بتأكيد عزم المجلس "المضي في حماية حقوق شعبه وصيانة منجزاته"، معرباً في الوقت ذاته عن تقديره للدور الأخوي للتحالف العربي والدول الراعية للسلام، وحِرصها على "الاستماع للصوت الجنوبي والتعاطي الجاد مع قضيته".


وكان اللواء عيدروس الزبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي أصدر، سلسلة من القرارات الجمهورية التي عين بموجبها مسؤولين جدد في مناصب عليا حساسة في عدد من المحافظات الجنوبية، دون تنسيق مسبق أو علم رئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي، في خطوة وصفها مراقبون سياسيون وأمنيون بأنها "انقلاب بارد" على الشراكة السياسية واتفاق الرياض.

وفقاً للقرارات التي حصلت عليها شبكتنا، والتي تحمل توقيع الزبيدي وتتخذ صيغة "قرار جمهوري"، تمت إجراءات إحلال واسعة النطاق شملت تعيين محافظين جدد، وقادة أمنيين، ورؤساء لأجهزة مدنية في محافظات عدن، لحج، أبين، والضالع. وجميع المناصب التي تم التغيير فيها كانت تشغلها كوادر موالية للعليمي أو تتماشى مع سياساته.


من جانبهم، لم يتردد مسؤولون مقربون من العليمي في وصف الخطوة بـ"الانقلاب غير المقبول"، مؤكدين أن القرارات "باطلة ولا تتمتع بأي شرعية" لأنها صدرت من فرد في المجلس دون إجماع أو تفويض، مما يخالف النظام الداخلي لمجلس القيادة الرئاسي ونصوص اتفاق الرياض الذي يشكل الإطار المرجعي للمرحلة الانتقالية.

وأكد مصدر رفيع في مكتب العليمي لمراسلنا أن "الرئيس العليمي كان غاضباً جداً من هذه التصرفات الأحادية"، ووصفها بأنها "طعنة في ظهر الشراكة ومحاولة واضحة لفرض الأمر الواقع والاستفراد بالسلطة".


بدورهم، يرى مراقبون أن خطوة الزبيدي ليست مفاجئة، بل هي تتويج لصراع خفي على النفوذ والسلطة في الجنوب. الدكتور فضل البطاني، المحلل السياسي، قال لشبكتنا: "الزبيدي يستغل حالة الضعف والانشغال التي يعاني منها العليمي على الساحة الإقليمية والدولية، ويحاول ترجمة نفوذه العسكري والأمني على الأرض إلى قرارات إدارية وسياسية ملزمة، في محاولة لتهميش العليمي وتحويله إلى (شخصية صورية)".

وأضاف البطاني: "هذه القرارات، وإن كانت تحمل صفة 'جمهورية'، فإنها تفتقر إلى الشرعية الكاملة لأنها لم تصدر عن الجهة المخولة بإصدارها بشكل جماعي. إنها معركة شراكة انقلبت إلى صراع وجود".


تثير هذه التطورات مخاوف جدية من عودة الاقتتال الداخلي بين القوى الجنوبية نفسها، والتي كانت قد هدأت بعد اتفاق الرياض. تصريحات قادة عسكريين موالين للعليمي التي حوت تلميحات بـ"الرد الحاسم" و"الدافع عن الشرعية" تزيد من حدة هذه المخاوف.

من ناحية أخرى، دافع مصدر مقرب من مكتب الزبيدي عن القرارات، واصفاً إياها بأنها "إجراءات ضرورية لتصحيح أوضاع الإدارة وتلبية مطالب الشعب الجنوبي"، مؤكداً أن "الشراكة لا تعني الشلل، وكان لابد من تحمل المسؤولية تجاه المواطن". ورأى أن التعيينات "جاءت بناء على كفاءات وتمثل إرادة الناس على الأرض".

يأتي هذا التصعيد في ذروة أزمة حكومية طاحنة يعيشها الجنوب، وسط انهيار اقتصادي خانق وانتقادات شعبية عارمة لعجز مجلس القيادة الرئاسي والحكومة عن تحسين الخدمات الأساسية ودفع الرواتب المنتظمة. ويبدو أن الزبيدي يحاول تحويل هذا السخط الشعبي إلى ورقة ضغط لتعزيز نفوذه على حساب شريكه في الحكم.

في الوقت الحالي، ينتظر الجميع رد فعل الرئيس رشاد العليمي الرسمي والمؤسسات الدولية والراعية لاتفاق الرياض، المملكة العربية السعودية، لمعرفة ما إذا كانت هذه الأزمة ستحل عبر وساطة عاجلة، أم أن البلاد ستغرق في دوامة جديدة من الصراع على السلطة قد تعيدها إلى مربع الاقتتال الداخلي.